الرئيسية - محافظات وأقاليم - الرئيس العليمي يخاطب هيئة الأمم بالأمر الأهم
الرئيس العليمي يخاطب هيئة الأمم بالأمر الأهم
الساعة 08:54 مساءاً (الميثاق نيوز، نيويورك، متابعة خاصة)

 

نيويورك، - متابعة خاصة - دعا  الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، اليوم الاثنين، المجتمع الدولي إلى التخلي عن سياسات "إدارة الصراع" في اليمن والانتقال إلى "فرض السلام" عبر تحالف دولي فعّال، محذرًا من أن استمرار التغاضي عن نشاطات المليشيات الحوثية المدعومة من إيران يهدد الأمن الإقليمي والدولي على حد سواء.

وفي خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان "من أجل اليمن… من أجل العالم"، قال فخامته إن اليمن لم يعد مجرد أزمة داخلية، بل "اختبارًا لمصداقية النظام الدولي".

مشيرًا إلى أن المليشيات الحوثية تحوّلت من جماعة متمردة إلى "تنظيم إرهابي عالمي" يمتلك ترسانة إيرانية متطورة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والزوارق المفخخة، ويستخدم الجوع كسلاح والدين كأداة تجنيد.

وأكد  سيادة الرئيس أن  اليمن تعيش واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم بعد أكثر من عقد من الحرب، داعيًا إلى دعم عاجل للحكومة الشرعية التي وصفها بأنها "الجبهة الوطنية الوحيدة التي تؤمن بالشرعية الدولية، والديمقراطية، ومشاركة المرأة، وبناء مؤسسات الدولة".

وانتقد العليمي فشل الجهود الدبلوماسية السابقة، قائلاً: "لقد آن الأوان للتحرك الجماعي والحاسم"، ومشيرًا إلى أن سياسات الاحتواء والحوافز لم تُفضِ إلا إلى "مزيد من الويلات والدمار".

وطالب بتشكيل تحالف دولي يُعيد بناء مؤسسات الدولة و"يحرر اليمن من قبضة المليشيات والجماعات الإرهابية بكافة أشكالها".

كما جدّد إدانة اختطاف موظفي الأمم المتحدة من قبل الحوثيين، داعيًا الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى "الانتصار لحقوق الإنسان في اليمن"، ومشيدًا في الوقت نفسه بجهوده، وبانتخاب وزيرة الخارجية الألمانية السابقة أنالينا بيربوك رئيسة للجمعية العامة.

ولم يغفل العليمي الإشارة إلى القضية الفلسطينية، واصفًا إياها بـ"الجرح النازف في ضمير الإنسانية"، ومشيدًا بالاعتراف المتزايد بدولة فلسطين، وداعيًا إلى دعم حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية. وحذر من "المتاجرة" بالقضية من قبل جماعات مثل الحوثيين، التي قال إنها "لم تجلب لفلسطين سوى العزلة والخراب".

وأثنى الرئيس العليمي على الدعم المستمر من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، مشيرًا إلى أن البلدين "حميا الدولة اليمنية من الانهيار ودرءا المشروع الإيراني عن المنطقة"، وشكر الرياض على دعمها الاقتصادي الأخير للموازنة والخدمات الأساسية في وقت تعاني فيه البلاد من "اختناقات تمويلية حادة".

وأنهى فخامة الرئيس كلمته بنداء مباشر: "ما نطلبه ليس بيانات جديدة، بل فعل دولي حاسم إلى جانب الحكومة الشرعية كشريك موثوق على الأرض"، مؤكدًا أن "ترك اليمن فريسة للابتزاز والإرهاب يعني فتح الباب لمزيد من الضحايا، وضرب مصداقية هذه المؤسسة في الصميم".

يأتي الخطاب في لحظة حساسة، إذ تسعى الحكومة اليمنية لحشد دعم دولي أوسع لمواجهة تصاعد الهجمات الحوثية على الممرات البحرية، واستغلال الجماعة للوضع الإنساني كورقة ضغط، في وقت تزداد فيه المخاوف من أن يصبح اليمن منصة دائمة للتدخلات الإقليمية والأنشطة الإرهابية العابرة للحدود.

وفيما يلي نص الكلمة:
خطاب فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي أمام الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة
(سبتمبر 2025)

"من أجل اليمن… من أجل العالم"

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،،
السيدة رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة،،
السيد الأمين العام،،
السيدات والسادة ممثلو الدول الأعضاء،،
في البداية أتقدم للسيدة أنالينا بيربوك، ولبلدها الصديق جمهورية المانيا الاتحادية بخالص التهاني لانتخابها رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنيا لها كل التوفيق والنجاح في قيادة أعمال هذه الدورة التي تطمح وفق شعارها الى "العمل معا من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان".

واود الثناء، والاشادة ايضا بجهود الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، مع تطلعنا الى العمل مع هذا الثنائي على رأس المنظمة الأممية، من اجل الانتصار للسلام وحقوق الانسان في اليمن، بما في ذلك توفير الحماية لموظفي الإغاثة المختطفين من قبل المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.
كما اغتنم هذه المناسبة لأتقدم بخالص التهاني الى ابناء شعبنا اليمني العظيم الذين يحتفلون هذا المساء بذكرى اسقاط نظام الامامة العنصري قبل ثلاثة وستين عاما، وميلاد النظام الجمهوري القائم على مبادئ الحرية والعدالة وازالة الفوارق والتمييز بين الطبقات، ومشاركة المرأة، وضمان الحقوق والحريات.

السيدات والسادة،،
في إطار هذه المؤسسة التي جاءت على أنقاض حرب مروّعة، تعهّدت البشرية قبل ثمانية عقود ألا يترك شعبٌ وحيدًا أمام الاستبداد، أو الفوضى، أو المجاعة، دون سند من المجتمع الدولي.

تعهّدتم وتعهّدنا معا، أن تكون هذه المؤسسة أمينةً على الكرامة الإنسانية، وحق الشعوب في العيش الكريم، والأمن، والتنمية، والسلام.

واليوم، وبعد كل تلك السنوات، نحمل اليكم السؤال المصيري ذاته من الشعب اليمني حول ما اذا كانت تلك القيم ماتزال حية ام لا؟، والا ماذا يعني أن يُترك بلدنا، رهينة لمشروع النظام الإيراني التوسعي، ومليشياته التي تستخدم الجوع كسلاح، والدين كأداة، والممرات البحرية كوسيلة ابتزاز؟.. ماذا يعني أن يتحوّل هذا البلد العريق إلى احدى أخطر بؤر الارهاب العابر للحدود في العالم؟

لذلك نحن هنا ليس لإعادة عرض مشهد الصمود الأسطوري للشعب اليمني في مواجهة اشد التنظيمات الارهابية عنفا، وصلفا على الاطلاق، وانما للبناء على ما تحقق، ودعوة العالم هذه المرة من أجل الفعل، لا التذكّر، ومن أجل الخلاص الذي وعدنا به شعبنا، لا التكرار.

السيدات والسادة،،
اليمن اليوم ليس مجرد أزمة داخلية، بل أصبح اختباراً لمصداقية النظام الدولي، فبعد أكثر من عقد على انقلاب المليشيات الحوثية على التوافق الوطني بدعم من النظام الايراني، يعيش شعبنا احدى اكبر الازمات الإنسانية، ويواجه تهديدات أمنية تتجاوز حدوده إلى الإقليم، والعالم بأسره.

ذلك ان المليشيات الحوثية لم تعد تلك الجماعة المتمردة في مساحة نائية من البلاد، بل تنظيم إرهابي عالمي، مدجج بترسانة ايرانية متطورة، من الصواريخ البالستية، الى الطائرات المسيرة، والزوارق المفخخة، والالغام البحرية، والقذائف الانشطارية، واسلحة نوعية أخرى محرمة دولياً.
وفوق ذلك تدعم هذه الجماعة المارقة شبكات تهريب المخدرات، والكبتاغون، وتوطين تكنولوجيا جديدة في التشويش والاتصالات والتوجيه، في مسعاها لتحويل اليمن إلى مختبر لتجريب أسلحة داعميها.

هذه ليست مجرد أدوات حرب، بل مشروع لإعادة رسم خريطة النفوذ الإيراني في المنطقة. ومن يتهاون مع هذه الجماعة اليوم، عليه أن يتخيل كيف سيكون غداً عندما يتحول البحر الأحمر، والممرات المائية، إلى رهينة دائمة لهذا الإرهاب.
لذلك ايتها السيدات أيها السادة، أثبتت السنوات الماضية أن سياسة "إدارة الصراع" عبر المزيد من الحوافز لم تجلب سوى مزيد من الويلات والدمار، كما ان سياسة الاحتواء منحت المليشيات الحوثية الوقت والموارد لتوسيع ترسانتها. وحين عجزت الأمم المتحدة عن حماية موظفيها المختطفين في صنعاء، أو حماية المنشآت النفطية، وسفن الشحن البحري، بدا واضحاً أن السلام المنشود لا يمكن ان يستجدى، بل يفرض بالقوة.

السيدات والسادة،،
لقد بات واجبا اليوم على العالم ان يعيد النظر في تصوراته تجاه الحالة اليمنية.

فمن جهة هناك جبهة وطنية واسعة تؤمن بالشرعية الدولية، وتتبنى قيم الشراكة، والديمقراطية، وتحافظ على التنوع المحلي، والمشاركة الشعبية، وتعمل على بناء مؤسسات الدولة.

وهي الجبهة التي امثلها اليوم واخواني أعضاء مجلس القيادة، والحكومة العضو في الأمم المتحدة، نيابة عن جميع اليمنيين، واليمنيات.

وفي المقابل ثمة تنظيم طائفي اقصائي، فاشي، لا يؤمن بقواعد الشرعية الدولية، ويمارس الإرهاب العابر للحدود، ويتبنى نموذجا سلطويا ثيوقراطيا معاديا لحقوق الانسان، وهو ما تمثله جماعة الحوثي، وداعميها.
وللأسف فان تغافل الكثيرين عن جوهر الازمة اليمنية، شجع المليشيات الحوثية على التمادي نحو تهديد السلم الإقليمي، واستهداف مصادر الطاقة ثم ممرات الملاحة، وصولا الى اختطاف موظفي الأمم المتحدة، والتنكيل بهم.

السيدات والسادة،،
لقد تحدثت اليكم من هذا المنبر في مناسبات سابقة؛ وقد اكدت فيها، ان حكومة الجمهورية اليمنية مستعدة دوما لمد يدها الى سلام شامل، حتى وان اضطرت الى تقديم تنازلات مؤلمة، طالما كان ذلك في مصلحة الشعب اليمني، لكن وبعد ان فشلت مساعي حفظ السلام.. فانه بات ضروريا التحرك بصورة جماعية، وحاسمة من اجل "فرض السلام".

وعليه فاني ادعو اليوم، إلى تشكيل تحالف دولي فعّال، من أجل استعادة أمن واستقرار اليمن.. تحالف يعيد بناء مؤسسات الدولة الوطنية، ويحرر البلاد من قبضة المليشيات، والجماعات الإرهابية بكافة اشكالها.

السيدات والسادة..
ان الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي دورتها الثمانين تبدو بأمس الحاجة الى ان تثبت لأعضائها، بان القانون الدولي ليس مجرد اسطورة، وان النظام العالمي القائم على القواعد ليس مجرد دعوة انتقائية.
ويظل اليمن وغزة، في هذا السياق هما ساحة الاختبار الأخلاقي لهذه المؤسسة العريقة، وهما المسرح الذي يمكن من خلاله تأكيد ان قوة الحق ما زالت قادرة على مواجهة حق القوة.

وفي قلب هذه المنطقة تأتي القضية الفلسطينية، باعتبارها الجرح النازف في ضمير الإنسانية، وقضية العرب المركزية، وهي تشهد اليوم تحولا تاريخيا من خلال الاعتراف الكاسح بدولتها المستقلة، التي لا ننسى في خضمها توجيه عظيم التقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية على جهودهم الحميدة مع الشركاء الفرنسيين في انتزاع هذه المكاسب السياسية غير المسبوقة.

كما نجدد من هذا المنبر دعمنا الكامل للسلطة الوطنية الفلسطينية، وحل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وندعو بقية الدول الأعضاء إلى الاعتراف بها، والانحياز الى حق شعبها، وكرامته.
وفي ذات الوقت، نجدد رفض المتاجرة بهذه القضية العادلة من قبل المليشيات المارقة وداعميها، التي لم تجلب لفلسطين سوى العزلة، والخراب.

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسمو،،
في خضم هذه المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني على مدى أحد عشر عاما، لم يتركنا أشقاؤنا وحدنا، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذين لم يحموا فقط الدولة اليمنية من الانهيار، بل المنطقة كلها من السقوط في قبضة المشروع الإيراني، وقدموا نموذجاً عملياً للشراكة الاستراتيجية القائمة على التنمية، وعلى العالم أن يتبنى هذا النموذج لا أن يكتفي بمراقبته.

ونهاية الأسبوع الماضي، بادر اشقاؤنا في المملكة مجددا الى الإعلان عن دعم اقتصادي إضافي للموازنة العامة، والخدمات الأساسية، في وقت تواجه فيه الحكومة اليمنية اختناقات تمويلية حادة، ونتطلع من المجتمع الدولي الالتحاق بهذا الجهد من اجل بقاء ملايين اليمنيين على قيد الحياة.
السيد الرئيس، السيدات والسادة،،

كان عنوان بياننا هذا "من اجل اليمن.. من اجل العالم" اذ اننا لا نناشدكم اليوم من أجل اليمن فقط، بل من أجل العالم بأسره. لأن ترك اليمن فريسة للابتزاز والإرهاب، يعني فتح الباب لمزيد من الضحايا، وبالتالي ضرب مصداقية هذه المؤسسة، ومبادئها في الصميم.

إن ما نطلبه من هذا الجمع ليس بيانات جديدة، بل فعل دولي حاسم الى جانب الحكومة الشرعية كشريك موثوق على الارض.

لقد آن الآوان لإطلاق تحالف دولي يحرر اليمن من الإرهاب، ويعيد بناء دولته الوطنية، ويؤمّن المنطقة والعالم من خطر متزايد عابر للحدود.. وهذا هو عرضنا المتجدد الذي نتطلع ان يقود الى استعادة سيادة بلدنا، وطي صفحة المليشيات دون أي تأخير.
شكراً لكم.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص