الرئيسية - حريات - تهجير قسري لأسرة يمنية من عمران الى إسرائيل
تهجير قسري لأسرة يمنية من عمران الى إسرائيل
أسرة يمنية تغادر اليمن مكرهةً نحو إسرائيل
الساعة 04:25 مساءاً (الشرق الاوسط)

بالدموع غادرت اليمن، هذا الأسبوع، أسرة يمنية من أتباع الديانة اليهودية، ووصلت إلى إحدى العواصم العربية، تنفيذاً لتعليمات ميليشيا الحوثي، التي خيرت رب الأسرة بين البقاء في السجن أو مغادرة مسقط رأسه بمحافظة عمران (شمال صنعاء)، حيث بات وجود الطائفة اليهودية يشارف على الانتهاء من هذه المنطقة التي مثلت عبر التاريخ واحدة من أهم مراكز وجودهم في اليمن.
“الشرق الأوسط” تتبعت رحلة المعاناة التي تكبدتها أسرة سعيد الناعطي، منذ مطلع العام الجاري، حيث تعرض للمضايقة والتنكيل والملاحقة، قبل أن يودع السجن لمدة تزيد على الشهر، ثم يطلب منه مغادرة مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، أو البقاء في السجن.
ووفق رواية أفراد في الطائفة اليهودية التي لا يزيد عددها حالياً على 33 شخصاً من الجنسين، خمسة منهم فقط يعيشون في منطقة خارف بمحافظة عمران، ومديرية أرحب بمحافظة صنعاء، إذ إن المسلحين الحوثيين عمدوا إلى مضايقة سكان منطقة السوق الجديد في محافظة عمران، التي كان أغلب سكانها من أتباع الديانة اليهودية قبل ظهور الحوثيين، لإرغامهم على الهجرة وشراء منازلهم وممتلكاتهم بأثمان بخسة، حتى لا يكون هناك وجود لأتباع الديانة اليهودية في مناطقهم. ففي مايو (أيار) الماضي، قامت ميليشيا الحوثي باعتقال أحد اليهود اسمه يوسف، وسجنوا معه أيضاً سعيد الناعطي، وبعد شهر ونصف من السجن وتوسل عائلته لوجهاء قبليين، تم الإفراج عن الناعطي بعد أن وقع التزاماً ببيع بيته ومغادرة البلاد. وخلال الشهر الحالي، سمحت الجماعة له ببيع بعض من مقتنياته والأدوات المنزلية، وغادر مكرهاً مع والدته وبناته الثلاث نحو مدينة عدن، قبل أن يصلوا إلى إحدى العواصم العربية يبحثون عن وطن جديد.
أفراد في الطائفة قالوا لـ “الشرق الأوسط”، إن الناعطي أجبره الخوف مع أسرته على المغادرة وهم يبكون لا يريدون ترك بلدهم. وقال أحدهم: “لم يبقَ في عمران سوى امرأة كبيرة في السن ترعى أخاها الذي فقد عقله، في حين يوجد ثلاثة آخرون في مديرية أرحب”.
وتحدثت المصادر كيف أن العائلة أخبرت الحوثيين بأنهم قد يمنعون من المرور من النقاط المنتشرة على طول الطريق المؤدي إلى مدينة عدن العاصمة المؤقتة، إلا أنهم ردوا عليهم قائلين: “سافروا ولا يهمكم شيء، سوف نمنحكم تصريح مرور في كل النقاط، والأهم هو أن تغادروا”.
وذكرت المصادر من أفراد الطائفة اليهودية، أن الناعطي غادر صنعاء ومعه بناته الثلاث ووالدته المقعدة، ووصل مدينة عدن، ولكنه أبلغ أن الطيران اليمني لا يسير رحلات من الداخل إلى الخارج، إذ إنه يتولى مهمة إعادة آلاف العالقين منذ بداية انتشار فيروس “كورونا” في عدد من البلدان، فاضطرت الأسرة للبقاء عدة أيام في المدينة حتى تمكنت شركة الطيران من الحصول على إذن خاص بنقلهم في إحدى رحلاتها، إذ لم يعد أمامها من خيار غير الذهاب إلى إسرائيل، لأن بقية البلدان لا تسمح لحملة جوازات السفر اليمنية بالدخول إليها إلا بتأشيرة مسبقة.
وإلى ما قبل اجتياح الحوثيين لمحافظة عمران، كانت منطقة “السوق الجديد” أشبه بحي مغلق أغلب سكانه من أتباع الديانة اليهودية الذين يعملون في ورش الحديد والنجارة وإصلاح السيارات، والبعض هاجر إلى الخارج، ولكن احتفظ بأسرته، حيث شيد هؤلاء منازل كبيرة هناك وتعايشوا مع الغالبية من السكان المسلمين، ونادراً ما سجلت مشكلات، على أسس دينية. لكن ومع ظهور التنظيم الطائفي للحوثيين في محافظة صعدة، منتصف عام 2004، بدأ استهداف اليهود بشكل ممنهج، وعرفت اليمن أول موجة نزوح قسري داخلي لأتباع هذه الديانة، طبقاً لما قاله أحد أفرادها.
وأضافت المصادر: “عند اقتحام الحوثيين منطقة آل سالم وتوجيه إنذار كتابي لليهود بمغادرة المحافظة، تتابعت الهجمات والاستهداف، وبعد أن كان عدد هؤلاء أكثر من خمسة آلاف بات اليوم يزيد بقليل على 30 شخصاً، أغلبهم يقيم في مدينة تمتلكها وزارة الدفاع بالقرب من السفارة الأميركية بصنعاء.
ومع بدء إطلاق النار من قبل الحوثيين في منطقة غرير آل سالم على سيارة نجل الحاخام يوسف مرحبي، اضطرت الحكومة اليمنية حينها إلى نقل هذه الأسر إلى صنعاء، وتوفير مساكن ومواد تموينية لهم، ومع هذه الأحداث بدأ اليهود في مدينة صعدة، وفي آل أبو جبارة، وأملح، في الهجرة خارج البلاد، واتجه أغلبهم إلى إسرائيل.
وعقب سيطرة ميليشيا الحوثي على العاصمة اليمنية زادت مخاوف اليهود على حياتهم بخاصة أنهم تعرضوا للتنكيل على يد الجماعة في صعدة وعمران، ولهذا بدأوا بالسفر خارج البلاد على دفعات، كان أشهرها هجرة أحد الخامات من محافظة عمران وبحوزته نسخة قديمة من التوراة قدمها هدية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عقب وصوله وأسرته إلى تل أبيب. وأثارت الحادثة جدلاً كبيراً، أعقبه قيام الجماعة الحوثية باعتقال حاخام الطائفة اليهودية وأحد أقربائه، حيث أفرجت عن الحاخام بعد ثلاثة أشهر من سجون المخابرات، فيما أبقت الشاب ليبي سالم في السجن.
ورغم إصدار المحكمة الابتدائية، قبل عام ونصف، حكماً ببراءة ليبي مع اثنين من المسلمين كانوا اتهموا معه بتسهيل تهريب نسخة التوراة، إلا أنه وحتى الآن، وانقضاء ست سنوات، لا يزال في السجن. وقد أصيب ليبي أخيراً بجلطة سببت له شللاً نصفياً وتدهورت حالته الصحية، ومع ذلك ترفض النيابة التي يديرها الحوثيون كل الضمانات التي قدمت لهم للإفراج عنه أسوة بزميليه، حتى موعد محاكمته لدى محكمة الاستئناف.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص