الرئيسية - محافظات وأقاليم - عقد أسود من الجرائم الحوثية بحق بيوت الله والقائمين عليها.. تقرير يرصد 4560 انتهاكاً حوثياً ضد المساجد
عقد أسود من الجرائم الحوثية بحق بيوت الله والقائمين عليها.. تقرير يرصد 4560 انتهاكاً حوثياً ضد المساجد
الساعة 10:18 مساءاً


صلاح الطاهري 

في قلب اليمن، حيث تتداخل أصوات الأذان مع دوي القذائف، تدور حرب صامتة ومُدمرة لا تستهدف الجغرافيا فحسب، بل تستهدف روح المجتمع وذاكرته الدينية. فمليشيات الحوثي، التي طفحت من كهوف مران في مطلع القرن، جعلت من دور العبادة وأهلها هدفاً أساسياً لاستراتيجية الإرهاب والتجريف العقائدي، في سلوك إجرامي قديم تزيد من حدته صبغة التعصب الإيراني المستورد.
إن العدوان على المساجد هو إعلان حرب على الهوية اليمنية المعتدلة، وتدنيس ممنهج لمكانتها وقدسيتها في نفوس اليمنيين.
العدوان المبكر والتحويل القسري لدُور العبادة
منذ الأيام الأولى لتمدد المليشيا، ظهر البعد العقائدي لحروبها في الاستهداف المباشر لبيوت الله، التي رأت فيها منابر تناهض فكرها الطائفي المتطرف. 
لقد تحوَّلت المساجد، التي لطالما كانت مراكز للعلم والتربية، إلى ثكنات عسكرية، وغرف عمليات، ومراكز لتجنيد الأطفال قسراً. هذا التحويل ليس مجرد استخدام للمباني، بل هو تشويه لوظيفتها الروحية والاجتماعية، وقد وثق تقرير حقوقي حديث تحويل 423 مسجداً إلى ثكنات عسكرية يتناول فيها عناصر المليشيا القات والشيشة، والتنبل(الشمة) و219 مسجداً إلى مركز لغسل عقول الأطفال وتعبئتهم فكرياً وطائفياً. هذا المزيج من التدنيس والتحويل يمثل ذروة الغطرسة واستفزاز عقيدة مجتمع بأكمله.

مجازر ودماء على أعتاب بيوت الله
إن سجل المليشيات الإجرامي لا يقتصر على الاستيلاء والتحويل، بل يتعدَّاه إلى القتل المباشر، ما يُذكرنا بأسوأ فصول حصار وقتل المدنيين. فجريمة قصف مسجد كوفل في مأرب عام 2017 أثناء صلاة الجمعة، والتي أودت بحياة نحو 30 مصلياً، هي مشهد دموي واحد من عشرات المشاهد التي طالت مساجد عدن وتعز والحديدة.
 وقبل ذلك، لا ينسى اليمنيون مشاهد تفخيخ ونسف المساجد ومراكز تحفيظ القرآن في دماج وكتاف، وما تبعها من تهجير قسري لآلاف الأسر.
وفي هذا السياق، وثقت التقارير الحقوقية نحو 277 حالة قتل لعلماء ودعاة ومصلين، ونحو 178 حالة إصابة جسدية، وهو ما يؤكد أن الاستهداف هو قرار واع وممنهج ضد كل ما يمثل الاعتدال الديني والمنهج الحق.
حرب المنابر.. الإلغاء الشامل للموروث الفقهي اليمني
في المناطق الخاضعة لسيطرتها، شنَّت المليشيا الحوثية حرب منابر هدفها طي الموروث الفقهي لعلماء اليمن، وفرض خطباء يتبعون الفكر الحوثي الطائفي المنحرف. لقد تم فرض 1291 خطيبًا وإمامًا من الموالين لها، مهمتهم الترويج لأفكار الحوثي، وتقديم الحوثي زعيمًا مقدسًا في مقابل الانتقاص من الصحابة ورموز الأمة، وبث خطاب الكراهية والعنصرية داخل المساجد، وعلى رأسها خطابات زعيم المليشيا التي تُبث عبر الشاشات العملاقة، بينما يُمنع المصلون من أداء صلاة التراويح وشعائر أخرى.
 وفي المقابل، تم إغلاق 467 مدرسة لتحفيظ القرآن، وجرى تحويلها إلى أداة للتعبئة الفكرية والطائفية، مما يمثل مسعى خبيثاً لمحاربة العقيدة الإسلامية المستقيمة التي ترفض الغلو والإمامة السلالية.

الحصاد الإجرامي.. آلاف الانتهاكات الموثقة

يؤكِّد الرصد الحقوقي الميداني أن الانتهاكات الحوثية تزداد يوماً بعد يوم دون أدنى مراعاة للدين أو القوانين. 
وقد كشف تقرير حقوقي صدر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات في أغسطس الماضي، منذ الانقلاب الحوثي حتى منتصف عام 2025، عن ارتكاب المليشيا نحو 4560 انتهاكاً وجريمة طالت المساجد وعلماء ودعاة ومعلمي القرآن. وتنوعت هذه الانتهاكات بين تفجير وقصف 204 مساجد، واقتحام ونهب وعبث بالمحتويات في 341 مسجداً، بالإضافة إلى اختطاف 386 من الأئمة والخطباء والمصلين، تعرض منهم 73 حالة للتعذيب الجسدي والنفسي، بعضها انتهى بالقتل تحت التعذيب.
 هذا السجل الدموي يؤكد أن تدمير دور العبادة وقتل القائمين عليها هو غريزة إجرامية متأصلة في مشروع المليشيا الهادف إلى تجريف النسيج الاجتماعي والديني للبلاد.

صوت الضمير يجب أن لا يُغَيَّب
إن الإجرام المستمر في اليمن ليس مجرد صراع عسكري، بل هو محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى نظام الإمامة البائس بجموده وغطرسته، مع إضافة طابع طائفي إيراني يعمل على شحن النفوس بالعداء نحو الآخرين. ويبقى هنا واجب الإعلاميين والناشطين الحقوقيين ووسائل الإعلام المختلفة المنظمات الحقوقية المحلية والدولية هو رفع الصوت عالياً لرفض كلّ تلكم الجرائم الحوثية وتوثيق الانتهاكات الصارخة لحرية العبادة والمعتقد، والكشف عن غريزة المليشيات في الخراب، لضمان ألا يذهب صوت الحقيقة، وأن لا يتم طمس تلكم الجرائم تحت وطأة التجاهل والنسيان.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص