لطيفة الفقيه
أقنعة وطقوس .. نفاق في الواقع وفي المواقع
الساعة 08:27 مساءاً
لطيفة الفقيه
بات أكثر مرتادي مواقع التواصل الإجتماعي وكأنهم يلبسون أقنعة مزيفة لا أحد يعلم من يرتديها وماذا يخفي وراءه ،أنهم يظهرون لمتابعيهم وحتى معارفهم صورة مغايرة تمامآ لشخصياتهم الحقيقية في الواقع، يتصنعون صفات لاتشبههم ،و يمارسون الخداع والزيف حتى على أقاربهم، يجيدون التصنع والتمثيل والمجاملات.. أولئك هم الذين يمارسون النفاق الإجتماعي في المواقع ليحضون بالإعجاب والإشادة ممن حولهم .. خاصة عندما يختبئون خلف شاشة اجهزتهم أو هواتفهم ،فتبدأ أصابعهم بنشر طقوس النفاق على الملأ ؛ سعياً للشهرة أولانتحال شخصيات الآخرين ،وعادة ما يتصف أصحابها بضعف ثقتهم بأنفسهم وعدم وجود مبادئ وأخلاق تربّوا عليها كالصدق وتقدير الذات. النفاق الإلكتروني.. لمن يهمس أقرب شخص لك " على مسامعك" بحاجته لك وتعبه والأزمة إلي بيمر فيها، وتكتفي أنت بالطبطبه على كتفه ألكترونيآ دون أن تشعره بذلك، ثم تغلفها برسالة تطييب خاطر وحالة واتس تخبره بأنك لجانبه دون أن تكلف نفسك عناء الذهاب إليه ؛ وكأن الأمر قد أنتهى عند هذا الفعل، وكأن رفيقك قد طاب وتعافى بعد وقفتك لجانبة إلكترونيآ..؟! النفاق الإلكتروني .. أن يرسل لك أحدهم صورة ثابتة أو متحركة أو فيسات تعبيرآ عن رأي أو موقف.. تعليقآ عن منشور أو حالة كتبتها .. ويترك لك بذلك حرية التأويل والفهم هو يقصد بتعليقه شي وأنت فهمت بنوياك عكس قصده ؛؛ وذلك هو النفاق بعينه.... فالوجه الضاحك مثلا لا تعرف هل يقصد بذلك الرضا والابتهاج أم يعني التهكم والسخرية.؟ ناهيك عن الكم الهائل من التعليقات ؛ كل هذا تكشفه نوعية العلاقة بينكما في الواقع ..؟! النفاق الإلكتروني.. شخص يسأل عنك في مواقع التواصل الإجتماعي،ويظهر لك محبته واهتمامة وخوفه عليك ؛ ولمن يشوفك في الواقع يلوح بالسلام وكأنه لايعرفك ؛ وكأنك لا تعنيه..؟! النفاق الإلكتروني .. شاب يحاول إقناع الفتيات في مختلف منشوراته على مواقع التواصل الإجتماعي، بإنه إنسان متحضر ، واعي، ومثقف ؛ فتراه يدافع عن حرية المرأة وحقها في العلم والعمل وصولآ لنيلها المناصب اسوة بأخيها الرجل ... لكنه في الحقيقة لايزال يفكر بعقلية الريفي الذي يخاف أن تخرج أخته من البيت كي لاينظر إليها ابناء القرية ،هو لا يؤمن بأي دور للمرأة في الحياة ؛ يؤمن فقط بواجباتها في المنزل بين طبخ وتنظيف، وبتلك المقولة المشهورة التي همست في أذنه جدته " " المرة مالها إلا بيت زوجها ولا القبر " هو في الواقع ذلك الأخ الذي يمنع شقيقته من الإلتحاق بالجامعة بدعوى الإختلاط والشك والخوف المزيف" .. الأخ السلطوي العنيف الذي لايشعر بأنه رجل إلا إذا أصدر أوامره على أخواته الإناث ورفع يديه ملوحآ بضعفه وفشله .. ولايزال المدعو الأخ الإلكتروني ينشر غسيل كذبه في المواقع حتى يصطاد كم هائل من التعليقات والإعجابات والفتيات أيضآ .. وفي الواقع وبعيدآ عن كل مسرحياته لا أحد يعرف بحقيقته سوى أخته الحبيسة في جدران نفاقه...؟! النفاق الإلكتروني .. قناع مزيف ترتديه فتاة في بروفيلاتها ومنشوراتها الفسبوكيه، وحالات الواتس وهي تتحدث عن والدتها وحبها العظيم لها، وبأن الجنة تحت أقدامها....؟! وفي المقابل هي تسمع صوت والدتها تدعوها لعمل شي ،أو صنع كوب من القهوة، وهي لاتجب أو ربما تصطنع عدم السماع وهي تسمع جيدآ لنداها... هي مشغولة جدآ بعالمها الإفتراضي ،غارقة في النفاق تنسج بروفايل وتكتب حالة عن بر الوالدين ؛؛ وهي التي أكملت قبل لحظات رفع صوتها عليهم ورفض طلباتهم....؟! هي حقآ تجيد براعة التمثيل لعالمها الإلكتروني بأنها البنت المطيعة ،المهذبة " قصدآ لنوياها ..؟! ورغم ذلك لا أحد يعلم الحقيقة سوى أهلها .. النفاق الإلكتروني .. لمن شخص مستهتر يرتدي عباءة الدين في بروفيلاته الفسبوكية، وحالات الواتس،دون أن يكون ذلك هو سلوكه الحقيقي في حياته اليومية ؛ فتجد منشوراته أغلبها دينية بين أحاديث وأدعية وصلاة رغم أنك في الواقع لا تجد له أثرا في صفوف المصلين في المسجد ؛؛ إما للتموية عن شخصياتهم ونيل الإعجاب والرضا، أو للإيقاع بضحاياه من الفتيات ليزيد اطمئنانهن وإعجابهن وهي الأغلب ..؟! المتدينون إلكترونيآ " هم في الحقيقة أشخاص يؤدون الطقوس الدينية، والعبادات خلف شاشات الكمبيوتر والهاتف المحمول" نفاقآ " وكذبآ .. هم أفظع واقعيآ.. النفاق الإلكتروني .. وجه مستعار يرتديه أحدهم لإخفاء حقيقة شخصيته هي لاتعبر عنه في الواقع ولا تمد له بصلة ،كل هذا التخفي واصطناع الذات في مواقع التواصل الإجتماعي ، يدل على رفض غير معلن لنفسه، وعدم تقبلها كيفما هي بسلبياتها وإيجابياتها ؛ خوفآ من العالم المحيط به ، وسعيآ لإرضاء وإعجاب من حوله.. بحيث يتعمد لإظهار نفسه في قائمة أصدقائه بصورة مغايرة تمامآ لصورته الحقيقية ؛ معتقدآ أن جلوسه خلف شاشات الجوال لاتكشف شخصيته" فيبدآ بنسج بطولاته وقصصه الكاذبه، والتمثيل والإحتيال والتملق للأشخاص وخداعهم ، إضافة إلى المجاملات المزيفة لإيقاع الكثيرين في وهم كذبه ونفاقه .. الشخصية الإلكترونية المزيفة هي أشبه برصاصة لاتخترق جسد أحدهم بقدر ماتخترق جسد صاحبها لتصيبه في العمق ... النفاق الإلكتروني .. أن يقوم شخص أو جهة بعمل خيري تجاه أسرة فقيرة أو محتاجة،ثم يسرف في التقاط صورهم ونشرها عبر موقع التواصل الإجتماعي ؛ للحصول على مديح الناس وثنائهم ،رغم أن تلك المساعدة في الواقع مخجلة جدآ " و لا تستحق كل هذه اللفته، ولم يكن محتاجوها أيضآ بحاجة لهذه النظرة وكل هذا النفاق والمتاجرة بأوجاعهم .. النفاق الإلكتروني .. فتاة تتبادل مع أخرى في الواتس أو الماسنجر" أجمل عبارات الود والمجاملات والقلوب الحمراء ؛ وهي ذاتها التي كانت تتحدث عنها بدقائق وتنتقدها وتشتكي منها لأخريات، وتصفها بابشع الكلمات لما يحدث بينهما من قصص ومشاكل.. النفاق الإلكتروني .. فتاة تعلق على أخرى في مجموعة واتس خاصة بالصديقات، بعد خروجهن لنزهه قائلة : الطلعة بدونك ولاتسوى شي ..وهي التي أرسلت قبل لحظات لصديقة أخرى تخبرها بإمتعاضها منها .. قائلة : ( كانت طلعة مش حلوة ابدا لانه هالانسانة ما بحب اشوفها ولا اجتمع فيها”.) المواقع جعلت الكثيرين يعيشون شخصيتين، أحدهما تمدح وتجامل وتبالغ للعلن عن تعبيرها الايجابي تجاه شخص ما، والأخرى شخصية سلبية، تشتم وتنافق وتنتقد كل شيء. خلاصة القول أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي،وسيلة يستطيع الإنسان من خلالها إخفاء الذات الحقيقية له ،والعيش في مشاعر أخرى، تتمحور في النفاق والتمثيل وعدم الصدق والوضوح،والتخفي وراء شخصيات لا تنتمي لواقعها الحقيقي ؛ فالعالم الإفتراضي كثير من رواده يرتدون الأقنعة ،وكثير منهم يصابون بالصدمة ؛ لأنهم يدركون جيدآ أن من حولهم “ينافقون” لهم إلكترونيا، من خلال الكلام الجميل والمنمق ، هي للأسف مجرد اسقاطات شخصية ونفسية بعيده عن واقعه الطبيعي، القصد منها الظهور بالشكل المثالي أمام الناس ؛ فتجدهم في الواقع معك بوجه وفي المواقع بوجه آخر ؛ وذلك هو النفاق الذي نعني به.. حتمآ سيأتي اليوم الذي نقلع فيه جميعنا "بلا استثناء " عن النفاق في الواقع وفي المواقع ؛؛ لنحيا بمثالية ونتقبل انفسنا على طبيعتها كيفما كانت .. # كن أنت
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص